هجرتُ طاولة أشعاري، فقد فرغت من الكتابة
ومن تدوين أساطير حكاياتي
ومن تسجيل تاريخ عيون مولاتي
ومن سرد حكاية مدني، وأصل نشوء حضاراتي
وكيف قمت بالأمس، بشن جميع ثوراتي
وصولاتي وجولاتي
مللتُ من سجلاتي التي تغصّ بالكآبة
فاعطني سبباً مقنعاً سيدتي كي أعود للكتابة
عمرٌ مضى، قضيته خلف طاولتي
أكتب للحب وللربيع
للقمر، للشجر، للعصافير السعيدةللزهر، للسمر
للياسمين، للحجر
لكل حورية،
للسنابل وللحرية...
لكنني اكتشفت بأنني ما كنتُ أجلس
إلا لأكتب لكِ
وما كنتُ أسهر
إلا لأشعر بكِ
فكان لكل جزءِ منك قصيدة
ولكل إصبعٍ من أصابعكِ العشر قصيدة
ولكل رمشٍ ينبت من جفنيكِ قصيدة
لشعركِ الفتّان قصيدة
لشفتيكِ الناريتين قصيدة
ولعينيكِ البريئتين ألف قصيدة وقصيدة
بين عينيكِ وقلمي، أرخى القدرُ سرابهْ
فاعطني سبباً وجيهاً سيدتي كي أعود للكتابة
أيقنت الآن، بأن كل قطرة حبرٍ
تمددت على الورق المتعب
كانت تسطّر تفاصيل قصتنا
وبأن أقلامي الشاردة
كانت تهمس للدفتر
كم أنتِ جميلة
وكم أنت خرافة مستحيلة
وكانت تبوح بأسرار سعادتي
حين ألقاكِ
وبأسرار تعاستي
حين يمتد البحر ما بيننا وتشيّد الأسوار...
أيقنت الآن بأنني كنت أكتبك كل ليلةٍ
بحبر دمي
وفي الليالي التي كنت أنسى فيها
يديّ حول خصركِ
كنتُ أكتبكِ بفمي
من دونكِ ملهمتي، ضاع القلم بين أنّات عذابهْ
فاعطني سبباً واحداً سيدتي كي أعود للكتابة
غداً، في يوم زفافك
سأرتدي إحدى قصائدي الرثّة
وأصنع من سلسلة أفكاري ربطة عنق
أو حبل مشنقةٍ مزركش
وسأُثبّتُ تسريحتي ببعضٍ من الحبر الجاف
وسأستخرجُ من عينيكِ عطراً فرنسياً
وأرشه بتأنٍ حول ياقتي
فلا تستغربي لشدة تأنقي
ليس في ثيابي ما يدعو للغرابة
إنها تقاليد كل شاعرٍ، إعتزم ترك الكتابةأزفّ إليكِ الخبر السعيد
فقد أصبحتُ أحبّ الشتاء
وأحفظ ما يحتويه تاريخ النساء
وصرت أحب أن أنام
لأني على يقينٍ أنّكِ
ستأتين حتماً في المنام
وقد صرت أتقن ارتجال الموت
وأعرف أساليب التحاور معكِ
من دون صوت
أمسيت مصاباً بداء الحب
فإن كنتِ مثلي بالداء مصابة
تابعي معي قصتنا
لأملأ لكِ مكتبةً
وأتربع على عرش الكتابة